ترتبط السياسة ارتباطًا وثيقًا بالأسواق المالية. في الواقع، كثيرًا ما تأتي تغييرات السوق في أعقاب اتخاذ قرارات سياسية على أعلى المستويات.
للأحداث الجيوسياسية العالمية تأثيرًا كبيرًا على سوق الفوركس. للفضائح السياسية الكبرى، والحروب، والانتخابات، ومعاهدات السلام، وتجارب القنابل النووية، والهجمات الإرهابية عواقب حتمية على الأسواق المالية.
تنعكس مثل هذه الأحداث على أسعار العملات، حيث تضع التقلبات حداً للاتجاهات القديمة وتخلق اتجاهات جديدة طويلة الأمد. لقد أتت هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة بعواقب جيوسياسية غير مسبوقة: بدء الحرب في أفغانستان والعراق، وإنفاق الكثير على ميزانية الحرب الأمريكية، على التوالي، مما أدى إلى ارتفاع الدين المالي للولايات المتحدة.
المخاطر السياسية التي تؤثر على الأسواق المالية
تأتي المخاطر السياسية في أشكال عديدة. قد تؤثر التحولات المختلفة في القرارات السياسة على التعريفات التجارية أو الضرائب أو ظروف العمل. قد تتسبب التغييرات في القيادة السياسية في عدم استقرار الحكومة. بالطبع، تُعد الحروب وأعمال الشغب والإرهاب أسوأ أنواع المخاطر السياسية.
الجانب الآخر من الميدالية
يمكن أن تؤثر التحولات المُفَاجِئة في السياسة بطريقة ضارة على قدرة الشركة على اتباع استراتيجيتها وتقديم خدماتها أو منتجاتها، مما سيؤثر في النهاية على أداء الشركة.
لكن قد لا تكون الآثار سلبية فقط، بل من الممكن أن تكون إيجابية أيضًا. على سبيل المثال، قد تكون الشركة محظوظة بما يكفي لكسب أرباح غير متوقعة إذا تم تعديل الهيكل الضريبي لبلد معين، بما قد ينعكس على الحد الأدنى للأجور أو المتطلبات التنظيمية التي ترفع التكاليف. هذا إذا كانت الشركة المعنية هنا قادرة على نقل تلك التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين بالطبع.
سيناريوهات مختلفة للمخاطر
مثال آخر هو التحول المحتمل في القوانين التجارية لصناعة معينة – مثل تحرير القيود التجارية على تصدير النفط والغاز من الولايات المتحدة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى توفير فرص محتملة للتجارة بحرية مع شركاء الأعمال في الخارج.
تؤثر المخاطر السياسية إلى حد بعيد على التجارة بين الدول. قد تمنع المستثمرين الأجانب من الاستثمار في سندات الدين وحقوق الملكية التي تقدمها الشركات الإقليمية أو الكيانات الحكومية. ولكن، من ناحية أخرى، قد تفتح أسواقًا جديدة كليًا، لذلك لا يمكننا تحجيم الأمر بين أبيض وأسود.
فيما يتعلق بأسواق الأسهم، يمكن أن تتسبب المخاطر السياسية في انخفاض كبير في سعر سهم الشركة. على سبيل المثال، إذا قررت الحكومة فجأة تغيير قوانين الخصخصة الخاصة بصناعة معينة، فسينعكس ذلك بشدة على جميع الشركات العاملة في هذه الصناعة.
قد يبعث عدم الاستقرار السياسي الأكبر أو التحولات الناجمة عن التغييرات الجذرية في الحكومة القلق بين المستثمرين ويتبعه انخفاض في السوق الأوسع.
كيف أثر سباق الرئاسة الأمريكي على الأسواق؟
في 20 يناير 2021، تم تنصيب جو بايدن كرئيس رقم 46 للولايات المتحدة. لكن المحللين السياسيين والماليين حاولوا التنبؤ بالسيناريوهات المختلفة التي قد تؤثر على سوق الأسهم قبل فترة طويلة من انتخاب أي من المرشحين.
سيناريو فوز ترامب
إذا افترضنا إعادة انتخاب دونالد ترامب، فمن المرجح أنه كان سيستمر في متابعة سياسة حملته “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”. يعني هذا التمسك بالعزلة والمواجهة التجارية والاقتصادية الشديدة مع الصين، إلى جانب استمرار علاقات السوق المعقدة والصعبة مع الاتحاد الأوروبي. من المحتمل أنه كان سيبذل جهدًا للوصول إلى علاقات أكثر توازنًا مع روسيا واليابان وبقية دول الشرق الأقصى.
كان من المتوقع أن يشهد قطاع الرعاية الصحية تقلبًا متزايدًا، وينطبق الشيء نفسه على قطاع الطاقة بسبب اختلاف المواقف التنظيمية للحزبين بشأن إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة.
سيناريو فوز بايدن
يعتمد الاتحاد الأوروبي على جو بايدن كوسيلة لإرساء علاقات أكثر توازنًا بين الولايات المتحدة وأوروبا على المدى الطويل.
من المتوقع أن تزدهر شركات خدمات الطاقة النظيفة والبنية التحتية والرعاية الصحية. ومع ذلك، قد تنخفض أفضل خمسة أسهم – Facebook وAmazon وApple وNetflix وGoogle (Alphabet) بسبب الخطط الضريبية المقترحة من بايدن. ستتأثر شركات الأدوية أيضًا إذا دعم قانون الرعاية الميسرة، حيث سيكون للحكومة الفيدرالية حق التفاوض بشأن خفض أسعار الأدوية الطبية بهذه الطريقة.
المحصلة النهائية
ربما تكون الأحداث السياسية هي الأكثر صعوبة في التنبؤ، من بين العديد من العوامل الأخرى التي من المحتمل أن تؤثر على أداء السوق. ومع ذلك، يكون تأثيرها هائلاً على قرارات الاستثمار. لا أحد يحب حالة عدم الاستقرار السياسي، ويسري ذلك أيضًا على الأسواق المالية دون استثناء. ولكن إذا حللت أكثر، قد تجد فرصًا غير متوقعة أو على الأقل أخطارًا يمكنك تجنبها.