يساعدنا علم النفس السلوكي في الجانب المالي من خلال فهم نقاط الضعف السلوكية لدينا، والتي قد تقودنا في النهاية إلى وعي ذاتي أفضل كمتداولين وتحسن نجاحنا الاستثماري. سيركز هذا الدرس على النظريات والأنماط السلوكية المختلفة التي لها تأثيرات ضارة محتملة على محافظنا الاستثمارية إلى جانب بعض استراتيجيات مواجهتها.
تأثير دانينغ-كروجر
ربما يُهيأ لك أن الجميع قد تحولوا فجأة إلى “خبراء” في موضوعات مثل الرياضة، أو السياسة، أو التداول، أو عند توجيههم النصيحة لك “بشراء البيتكوين لأنه سيصل إلى مليون دولار قريبًا جدًا”. يتحدث بعض الناس بكل هذه الحكمة، ويبدون واثقين جدًا لدرجة قد تدفعك لتصديقهم. ولكن ما أن تبدأ في الإصغاء إليهم بعناية أكبر، تدرك أنهم لا يعرفون حتى نصف ما تنطق به أفواههم.
يُطلق على هذه الظاهرة الغريبة اسم”تأثير دانينغ-كروجر”، وهي تؤثر فعليًا على سلوكك في التداول أيضًا. تشير هذه الظاهرة إلى عدم قدرة الشخص على إدراك افتقاره إلى الكفاءة. بدون الوعي الذاتي، لا يمكن للناس تقييم كفاءتهم أو عدم كفاءتهم بموضوعية. هذا هو السبب في شعور العديد من المتداولين بخيبة أمل شديدة عند فشلهم في تحقيق الأرباح المتوقعة لأنهم لا يستطيعون تمييز افتقارهم إلى المعرفة.
الخوف من الفقدان
نمط سلوكي آخر غريب، وربما خطير، هو الخوف من الفقدان أو FOMO. لا يوجد أساس تقني أو جوهري لهذا الخوف، وذلك لأنه يأتي بالكامل من حقيقة أننا كمتداولين ما زلنا بشرًا. نحن لسنا آلات تعمل على الخوارزميات. تأتي هذه الظاهرة كرد فعل انفعالي وعاطفي. لكنه أمر طبيعي ولا يمكن تجنبه بشكل عام إلا إذا كنت مدركًا لذاتك بدرجة كافية تجعلك تدرك أنك تمر بهذه الحالة. إذا سمعت متداولين يشتكون من ضياع فرصة شراء سهم سريع الارتفاع في كثير من الأحيان، فمن المحتمل أنك تعرف ما أتحدث عنه.
إليك هذا الرسم البياني الذي يشرح هذا السلوك الخطير بشكل أفضل.
لنتحدث عن فقاعات سوق الأسهم وسلوك القطيع
تأتي الخطوة الأولى في تجنب أخطاء الاستثمار القائمة على التحيزات السلوكية من خلال إدراك وجود هذه التحيزات وفهم كيفية عملها. تعتبر فقاعات سوق الأسهم مثالاً على ذلك، حيث يستمر غالبية المستثمرين في الشراء حتى مع علمهم بأن قيمة الأسهم مبالغ فيها بشكل كبير. ليست الأسهم فحسب، ولكن أي سلعة يتم تداولها قد تقع فريسة لهذا السلوك الجماعي الطائش.
يمكن أن يتسبب العقل الجمعي في آثار سلبية كبيرة على عوائد الاستثمار. قد لا يتوقف سلوك القطيع فقط عند الشراء بسعر مرتفع والبيع بسعر منخفض بمجرد انفجار الفقاعة، ولكن قد يدفع سلوك القطيع والعقل الجمعي المستثمرين إلى شراء الأصول غير المناسبة لهم. على سبيل المثال، لم يكن لدى العديد من مستثمري القطاع الخاص الذين عانوا من خسائر عند انفجار فقاعة التكنولوجيا في 2001 القدرة الفعلية على تحمل المخاطر العالية اللازمة لاستثمار جزء كبير من محافظهم في مثل هذه الأسهم. علاوة على ذلك، لم يقم معظمهم بهيكلة باقي محافظهم الاستثمارية للموازنة بين المخاطر التي يتعرضون لها في قطاع التكنولوجيا.
كيفية التعامل مع ظاهرة العقل الجمعي
استثمر فقط إذا تناسب مجال الاستثمار مع محفظتك الشخصية الحالية، ومع قدرتك على تحمل مخاطره، ومع أسلوبك الخاص في الاستثمار. استفد من نقاط قوة القرار الجماعي، المتمثلة في الدقة العالية وتنوع الحلول الممكنة. لكن كن على دراية بمخاطر العقل الجمعي – ويشمل ذلك الضغوط الجماعية التي قد تقمع الأفكار المعارضة ووهم الضعف داخل المجموعة.
الإدراك الانتقائي
تؤثر نظرتنا للأسهم في كيفية إدراكنا للمعلومات الجديدة عنها. نميل إلى التركيز على المعلومات التي تدعم وجهة نظرنا الحالية والتقليل من شأن المعلومات المخالفة. نميل إلى التمسك بوجهة نظر سلبية بشأن استثمار نتجت عنه خسارة، حتى لو كان جذابًا للغاية الآن.
كيفية التعامل مع تحيز الإدراك الانتقائي
استخدم نظام تداول يستند إلى الأرقام التي تأتي إما من التحليل الفني أو الأساسي وتصرف في ضوء هذه الإشارات بطريقة ممنهجة. أنشئ واستخدم معايير صارمة لوقف الخسارة.
الكبرياء والندم من السمات البشرية التي تفسر سبب عدم كون قراراتنا في مصلحتنا دائمًا. الوضع الآخر الذي نميل فيه إلى إيذاء أنفسنا هو عندما نواجه قرارات مضاربة محفوفة بالمخاطر: سنجد أنه عندما تحل خسائر بمستثمري القطاع الخاص، فإنهم يميلون بوضوح للمخاطرة المفرطة.
استثمارات المضاربة
عند التعرض لخسائر، تكون ردة فعل العديد من المستثمرين هي المجازفة بشكل أكبر، وهو ما يؤدي أحيانًا إلى نتائج كارثية. في حين يحاول المستثمرون بشكل عام تجنب الخسائر، تشيع بينهم بعض الاستثمارات عالية المضاربة. ينتج عن ذلك محافظ استثمارية ذات حسابات عقلية مختلفة وذات وجهات نظر مختلفة للمخاطر. لذلك، يتعين عليك تقليص حجم هذا النوع من استثمارات المضاربة. لا تخسر أموالاً إضافية لتعويض خسارتك السابقة، واستثمر دائمًا استنادًا لفرصة استثمارية قوية.
الملخص
أحد أفضل الطرق لوقف الخسارة والبدء في تحقيق أرباح ثابتة من التداول هي أن تدرك ذاتك وتعترف بأخطائك لنفسك. إذا لم ينجح ما تفعله، عليك ببساطة أن تقر بأنه ليس لديك كل الإجابات وأنك بحاجة إلى بعض المساعدة. بمعنى آخر، عليك دائمًا أن تكون منفتحًا على التعلم.